للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه متضعف، يميل إلى الخمول وإلى عدم الظهور؛ لأنه يرى أن المهم أن يكون له جاه عند الله عز وجل، لا أن يكون شريفاً في قومه أو ذا عظمة فيهم، ولكن يرى أن الأهم كله أن يكون عند الله سبحانه وتعالى ذا منزلة كبيرة عالية.

ولذلك تجد أهل الآخرة لا يهتمون بما يفوتهم من الدنيا؛ إن جاءهم من الدنيا شيء قبلوه، وإن فاتهم شيء لم يهتموا به؛ لأنهم يرون أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن الأمور بيد الله، وإن تغيير الحال من المحال، وأنه لا يمكن رفع ما وقع ولا دفع ما قدر إلا بالأسباب الشرعية التي جعلها الله تعالى سبباً.

وقوله: ((لو أقسم على الله لأبره)) يعني لو حلف على شيء ليسره الله له أمره، حتى يحقق له ما حلف عليه، وهذا كثيراً ما يقع؛ أن يحلف الإنسان على شيء ثقة بالله عز وجل، ورجاء لثوابه فيبر الله قسمه، وأما الحالف على الله تعالياً وتحجراً لرحمته، فإن هذا يخذل، والعياذ بالله.

وهاهنا مثلان:

المثل الأول: أن الربيع بنت النضر رضي الله عنهما وهي من الأنصار، كسرت ثنية جارية من الأنصار، فرفعوا الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تكسر ثنية الربيع، لقول الله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْس) إلى قوله: (وَالسِّنَّ بِالسِّنّ) [المائدة: ٤٥] فقال أخوها أنس بن النضر: والله يا رسول الله لا تكسر ثنية الربيع، فقال ((يا أنس كتاب الله القصاص)) فقال: والله لا تكسر ثنية الربيع.

أقسم بهذا ليس ذلك رداً لحكم الله ورسوله، ولكنه يحاول بقدر ما

<<  <  ج: ص:  >  >>