قد يوجد ما يرفع هذه الشفقة؛ لأن هذه الدعوة عظيمة من هذه المرأة؛ أن تدعو على ولدها أن لا يموت حتى ينظر في وجوه المومسات، لكن شدة الغضب والعياذ بالله أوجب لها أن تدعو بهذا الدعاء.
وفي قصته من الفوائد غير ما سبق أن الإنسان إذا تعرف إلى الله تعالى في الرخاء؛ عرفه في الشدة، فإن هذا الرجل كان عابداً يتعبد لله عز وجل، فلما وقع في الشدة العظيمة، أنجاه الله منها. لما جاء إليه هؤلاء الذين كادوا له هذا الكيد العظيم، ذهبت هذه المرأة إلى جريج لتفتنه ولكنه لم يلتفت إليها، فإذا راعي غنم يرعاها ثم يأوي إلى صومعة هذا الرجل، فذهبت إلى الراعي فزنى بها والعياذ بالله، فحملت منه.
ثم قالوا: إن هذا الولد ولد زنى من جريج ـ رموه بهذه الفاحشة العظيمة ـ فأقبلوا عليه يضربونه وأخرجوه من صومعته وهدموها، فطلب منهم أن يأتوا بالغلام الذي من الراعي، فلما أتوا به، ضرب في بطنه، وقال: من أبوك؟ ـ وهو في المهد ـ فقال: أبي فلان، يعني ذلك الراعي.
فأقبلوا إلى جريج يقبلونه ويتمسحون به، وقالوا له: هل تريد أن نبني لك صومعتك من ذهب؟ لأنهم هدموها ظلماً، قال: لا، ردوها على ما كانت عليه من الطين، فبنوها له.
ففي هذه القصة أن هذا الصبي تكلم وهو في المهد، وقال: إن أباه فلان الراعي، واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن ولد الزنى يلحق الزاني؛ لأن جريجاً قال: من أبوك؟ قال: لأبي فلان الراعي، وقد قصها