ألست أنت تضرط كما يضرط هذا الرجل؟ بلى، إذا كان كذلك فلماذا تضحك؟ فالإنسان إنما يضحك ويتعجب من شيء لا يقع منه، أما ما يقع منه؛ فإنه لا ينبغي أن يضحك منه، ولهذا عاتب النبي صلى الله عليه وسلم من يضحكون من الضرطة؛ لأن هذا شيء يخرج منهم، وهو عادة عند كثير من الناس.
كثير من الناس في بعض االأعراف لا يبالون إذا ضرط أحدهم وإلى جنبه إخوانه ولا يحتشمون من ذلك أبداً، ويرون أنها من جنس العطاس أو السعال أو ما أشبه ذلك. لكن في بعض االأعراف ينتقدون هذا.
لكن كونك تضحك وتخجل صاحبك، فهذا مما لا ينبغي.
وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان لا ينبغي له أن يعيب غيره فيما يفعله هو بنفسه، إذا كنت لا تعيبه بنفسك فكيف تعيبه بإخوانك؟ !
وبهذه المناسبة أود أن أنبه على مسألة شائعة عند العامة، فإنه من المعلوم أن لحم الإبل إذا أكل منه الإنسان وهو متوضئ انتقض وضوءه، ووجب عليه أن يتوضأ إذا أراد الصلاة، سواء أكله نيئاً أو مطبوخاً، وسواء كان هبراً، أو كبداً أو مصراناً، أو كرشاً، أو قلباً، أو رئة، كل ما حملت البعير فإن أكله ناقض للوضوء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثن شيئاً وإنما قال:((توضئوا من لحوم الإبل)) ، وسئل أنتوضأ من لحوم الإبل فقال:((نعم)) ، قال: من لحوم الغم فقال: ((إن شئت)) ؛ لحم الغنم لا ينقض