لحج التطوع وما أشبه ذلك ويدع الواجب، وهذا خلاف الشرع وخلاف الحكمة، فهو سفه في العقل وضلال في الشرع.
والواجب على المسلم أن يبدأ بالواجب الذي هو محتم عليه، ثم بعد ذلك ما أراد من التطوع بشرط ألا تكون مسرفاً ولا مقطراً، فتخرج عن سبيل الاعتدال؛ لقول الله تعالى في وصف عباد الرحمن:(وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً)[الفرقان: ٦٧] .
يعني لا إقتار ولا إسراف، بل قواماً، ولم يقل بين ذلك فقط، بل بين ذلك قواماً، قد يكون الأفضل أن تزيد أو أن تنقص أو بين ذلك بالوسط.
على كل حال هذه الأحاديث كلها تدل على أنه يجب على الإنسان أن ينفق على من عليه نفقته، وأن إنفاقه على من عليه نفقته أفضل من الإنفاق على الغير.
وفي هذه الأحاديث أيضاً التهديد والوعيد على من ضيع عمن يملك قوته، وهو شامل للإنسان وغير الإنسان، فالإنسان يملك الأرقة مثلاً، ويملك المواشي من إبل وبقر وغنم فهو آثم إذا ضيع من يلزمه قوته من آدميين أو غير آدميين، ((كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوتهم)) ، واللفظ الثاني في غير مسلم:((كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت)) وفي هذا دليل على وجوب رعاية من ألزمك الله بالإنفاق عليه.