المال يطلق على الرديء، ويطلق على الكسب الرديء، ويطلق على الحرام.
فمن إطلاقه على الرديء قوله تعالى:(وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) هذا بقية الآية التي أولها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) والخارج من الأرض منه الطيب ومنه الرديء، قال:(وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) أي: لا تقصدوا الخبيث وهو الرديء تنفقون منه، (وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) يعني لو كان الحق لكم ما أخذتم الرديء إلا على إغماض وعلى كره، فكيف ترضون لغيركم أن تعطوه الرديء وأنتم تأبون أن تأخذوه؟ !
وهذا من باب الاستدلال على الإنسان بما يقر ويعترف به؛ لأنه لا يرضى أن يأخذ الرديء بدلاً عن الطيب فكيف يرضى أن يعطي الرديء بدلاً عن الطيب؟ !
فالخبيث بمعنى الرديء ومن ذلك أيضاً تسمية النبي صلى الله عليه وسلم البصل والكراث الشجرة الخبيثة؛ لأنها رديئة منتنة كريهة، حتى إن الإنسان إذا أكل منها وبقيت رائحتها في فمه فإنه يحرم عليه أن يدخل المسجد، لا للصلاة ولا لغير الصلاة؛ لأن المسجد معمور بالملائكة فإذا دخل المسجد آذى الملائكة، والملائكة طيبون، والطيبون للطيبات، تكره الخبائث من الأعمال والأعيان، فإذا دخلت المسجد وأنت ذو رائحة كريهة آذيت الملائكة.