للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُرْهاً) [الأحقاف: ١٥] ، كل هذا البيان سبب حفها العظيم.

ثم ذكر الله أشد حالة يكون عليها الوالدان فقال تعالى: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ) ؛ لأن الوالدين إذا بلغا الكبر؛ ضعفت نفوسهما، وصارا عالة على الولد، ومع ذلك يقول (إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ) يعني لا تقل إني متضجر منكما؛ بل عاملهما باللطف والإحسان والرفق، ولا تنهرهما إذا تكلما، (أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُل) يعني: رد عليهما رداً جميلاً لعظم الحق.

ثم ذكر حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين سأله عبد الله بن مسعود: أي العمل أحب إلى الله؟ قال ((الصلاة على وقتها)) قلت: ثم أي؟ قال ((بر الوالدين)) ، قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))

فجعل النبي صلى الله عليه وسلم مرتبة البر بالوالدين مقدمة على مرتبة الجهاد في سبيل الله، قال: ولو استزدته لزادني، وفي هذا دليل على فضل بر الوالدين.

فإن قال قائل: ما هو البر؟ قلنا: هو الإحسان إليهما؛ بالقول والفعل والمال بقدر المستطاع، اتقوا الله ما استطعتم، وضد ذلك العقوق.

ثم ذكر الحديث الثاني وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)) يعني يعتقه بشرائه؛ لأنه فك أباه من رق العبودية للإنسان، وهذا الحديث لا يدل على أن من ملك أباه لا يعتق عليه؛ بل نقول: إن معناه إلا أن يشتريه فيعتقه، أي فيعتقه بشرائه؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>