للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: قال يا رسول الله ((من أحق بحسن الصحبة؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك أدناك))

((والصحابة)) بمعنى: الصحبة. وقوله: ((ثم أباك)) هكذا منصوب بفعل محذوف، أي: ثم برأباك، وفي رواية ((ثم أبوك)) وهذا واضح.

[الشَّرْحُ]

هذان الحديثان في بيان فضل صلة الرحم، والرحم سبق لنا أنهم هم الأقارب، وصلتهم بما جرى به العرف واتبعه الناس؛ لأنه لم يبين في الكتاب والسنة نوعها ولا جنساها ولا مقدارها؛ لأن النبي صلى عليه الله وسلم لم يقيده بشيء معين، فلم يقيده بأن يأكلوا معك أو يشربوا معك، أو يكتسوا معك؛ أو يسكنوا معك، بل أطلق، ولذلك يرجع فيها للعرف، فما جرى به العرف أنه صلة فهو الصلة، وما تعارف عليه الناس أنه قطيعة فهو قطيعة، هذا هو الأصل.

فلو فرض أن االأعراف فسدت وصار الناس لا يبالون بالقطيعة، وصارت القطيعة عندهم صلة فلا عبرة بهذا العرف؛ لأن هذا العرف ليس عرفاً إسلامياً، فإن الدول الكافرة الآن لا تتلائم أسرها، ولا يعرف بعضهم بعضاً، حتى إن الإنسان إذا شبّ ولده وكبر صار مثله مثل الرجل الأجنبي الذي لا يعرف أن له أباً؛ لأنهم لا يعرفون صلة الأرحام، ولا يعرفون حسن الجوار، وكل أمورهم فوضى فاسدة؛ لأن الكفر دمرهم تدميراً والعياذ

<<  <  ج: ص:  >  >>