قال ((نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)) .
وذلك تحذير من أن يكون الإنسان سبباً في شتم والديه بأن يأتي إلى شخص فيشتم والدي الشخص، فيقابله الشخص الآخر بالمثل ويشتم والديه، ولا يعني ذلك أنه يجوز للثاني أن يشتم والدي الرجل؛ لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، ولكنه في العادة والطبيعة أن الإنسان يجازي غيره يمثل ما فعل به، فإذا سبه سبه.
وذلك كما قال تعالى:(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)[الأنعام: ١٠٨] ، لذلك لما كان سبباً في سب والديه؛ كان عليه إثم ذلك.
ثم ذكر المؤلف حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله تعالى حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً وهات، ووأد البنات)) .
الشاهد من هذا الحديث قوله:((عقوق الأمهات)) وهو قطع ما يجب لهن من البر، أما وأد البنات فهو دفنهن أحياء، وذلك لأنهم في الجاهلية كانوا يكرهون البنات، ويقولون: إن إبقاء البنت عند الرجل مسبة له.
فكانوا والعياذ بالله يأتون بالبنت فيحفرون لها حفرة ويدفنونها وهي حية. قال الله تعالى:(وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ)[التكوير: ٨، ٩] ، فحرم الله ذلك، وهو لاشك من أكبر الكبائر، وإذا كان قتل الأجنبي المؤمن سبباً للخلود في النار كما قال تعالى:(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)