أما الأول: وهو كثرة السؤال عن العلم فهذا إنما يكره إذا كان الإنسان لا يريد إلا إعنات المسؤول، والإشقاق عليه، وإدخال السآمة والملل عيه، أما إذا كان يريد العلم فإنه لا ينهى عن ذلك، ولا يكره ذلك، وقد كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كثير السؤال، فقد قيل له: بم أدركت العلم؟ قال: أدركت العلم بلسان سؤول، وقلب عقول، وبدن غير ملول.
لكن إذا كان قصد السائل الإشقاق على المسؤول والإعنات عليه، وإلحاق السآمة به، أو تلقط زلاته لعله يزل فيكون في ذلك قدح فيه، فإن هذا المكروه.
وأما الثاني: وهو سؤال المال فإن كثرة السؤال قد تلحق الإنسان بأصحاب الشح والطمع، ولهذا لا يجوز للإنسان سؤال المال إلا عند الحاجة، أو إذا كان يرى أن المسؤول يمن عليه أن يسأله، كما لو كان صديقاً لك قوي الصداقة، قريباً جداً، فسألته حاجة وأنت تعرف أنه يكون بذلك ممنوناً، فهذا لا بأس به، أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك:؛ فلا يجوز أن تسأل إلا عند الضرورة.
وأما إضاعة المال فهو بذله في غير فائدة لا دينية ولا دنيوية؛ لأن هذا أيضاً إضاعة له لأن الله تعالى قال:(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً)[النساء: ٥] ، فالمال قيام للناس؛ تقوم به مصالح دينهم ودنياهم، فإذا بذله الإنسان في غير ذلك فهذا إضاعة له، وأقبح من ذلك أن يبذله في محرم، فيرتكب في هذا محظورين: