وبتوقير العلماء توقر الشريعة؛ لأنهم حاملوها، وبإهانة العلماء تهان الشريعة؛ لأن العلماء إذا ذلوا وسقطوا أمام أعين الناس؛ ذلت الشريعة التي يحملونها، ولم يبق لها قيمة عند الناس، وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم فتضيع الشريعة.
كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم تعظيمهم وطاعتهم، حسب ما جاءت به الشريعة؛ لأنهم إذا احتقروا أمام الناس، وأذلوا، وهون أمرهم؛ ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى، ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ.
فهذان الصنفان من الناس: العلماء والأمراء، إذا احتقروا أمام أعين الناس فسدت الشريعة، وفسدت الأمن، وضاعت الأمور، وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم، وكل إنسان يرى لأنه هو الأمير، فضاعت الشريعة وضاعت البلاد، ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)[النساء: ٥٩] .
ونضرب لكم مثلاً: إذا لم يعظم العلماء والأمراء، فإن الناس إذا سمعوا من العالم شيئاً قالوا: هذا هين، قال فلان خلاف ذلك.
أو قالوا: هذا هين هو يعرف ونحن نعرف، كما سمعنا عن بعض السفهاء الجهال، أنهم إذا جودلوا في مسألة من مسائل العلم، وقيل لهم: هذا قول الإمام أحمد بن حنبل، أو هذا قول الشافعي، أو قول مالك، أو قول أبي حنيفة، أو قول سفيان، أو ما أشبه ذلك قال: نعم، هم رجال ونحن رجال، لكن فرق بين رجولة هؤلاء ورجولة هؤلاء، من أنت حتى