للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا نقول: إذا كان يمين الصف بعيداً، وأيسر الصف أقرب منه بشكل واضح، فإن الصف الأيسر أفضل من الأيمن، من أجل دنوه من الإمام؛ ولأنه لما كان الناس في أول الأمر إذا كان إمامهم واثنان معه، فإنهما يكونان عن يمينه واحد، وعن شماله واحد، ولا يكون كلاهما عن اليمين، فدل هذا على مراعاة الدنو من الإمام، وتوسط الإمام من المأمومين.

ولكن هذا الأمر أي كون الإمام واثنان معه يكونان في صف واحد، هذا نسخ، وصار الإمام إذا كان معه اثنان يصفان خلفه، ولكن كونه ـ حين كان مشروعاً ـ يجعل أحدهما عن اليمين والثاني عن اليسار؛ يدل على أنه ليس الأيمن أفضل مطلقاً، بل أفضل من الأيسر إذا كان مقارباً أو مثله، أما إذا تميز بميزة بيّنة؛ فاليسار مع الدنو من الإمام أفضل.

وفي حديث الرؤيا التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه كان صلى الله عليه وسلم أنه كان صلى الله عليه وسلم يتسوك بسواك فجاءه رجلان فأراد أن يعطيه الأصغر، فقيل له: كبّر كبّر. فيه دليل أيضاً على اعتبار الكبر، وأنه يقدم الأكبر في إعطاء الشيء.

ومن ذلك إذا قدمت الطعام مثلاً أو القهوة أو الشاي فلا تبدأ باليمين، بل ابدأ بالأكبر الذي أمامك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يعطيه الأصغر قيل له كبّر، ومعلوم أنه لو كان الأصغر هو الأيسر لا يذهب الرسول صلى الله عليه وسلم يعطيه إياه فالظاهر أنه أعطى الأيمن من أجل التيامن، لكن قيل له كبّر: يعني أعطه الأكبر، فهذا إذا كان الناس أمامك تبدأ بالكبير، لا تبدأ باليمين، أما إذا كانوا جالسين عن اليمين وعن الشمال فابدأ باليمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>