فإن هذا يقتضي أن تكون الشمس فوق الله عز وجل، وهذا شيء منكر لا أحد يقول به من أهل السنة، لكن مشكلات الناس ولاسيما في هذا العصر؛ أن الإنسان إذا فهم؛ لم يعرف التطبيق، وإذا فهم مسألة؛ ظن أنه أحاط بكل شيء علماً.
والواجب على الإنسان أن يعرف قدر نفسه، وألا يتكلم ـ لا سيما في باب الصفات ـ إلا بما يعلم من كتاب الله سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام الأئمة.
فمعنى ((يوم لا ظل إلا ظله)) أو ((يظلهم الله في ظله)) يعني الظل الذي لا يقدر أحد عليه في ذلك الوقت؛ لأنه في ذلك الوقت لا بناء يبنى، ولا شجر يغرس، ولا رمال تقام، ولا أحجار تصفف، ولا شيء من هذا. قال الله عز وجل:(وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً) لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً) [طه: ١٠٥، ١٠٧] .
ولا يظل الخلائق من الشمس شيء، لا بناء ولا شجر، ولا حجر، ولا غير ذلك. لكن الله عز وجل يخلق شيئاً يظلل به من شاء من عباده، يوم لا ظل إلا ظله، هذا هو معنى الحديث، ولا يجوز أن يكون له معنى سوى هذا.
والشاهد من هذا الحديث لهذا الباب قوله ((رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه)) يعني أنهما جرت بينهما محبة، لكنها محبة في الله، لا في مال، ولا جاه، ولا نسب، ولا أي شيء، إنما هو محبة الله عز وجل، رآه قائماً بطاعة الله، متجنباً لمحارم الله، فأحبه من أجل ذلك، فهذا هو الذي يدخل في هذا الحديث:((تحابا في الله)) .