للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)) متفق عليه.

[الشَّرْحُ]

ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ في باب الخوف والتحذير من الأمن من مكر الله، قال فيما نقله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد، فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل أهل الجنة حتى ما يكون بيته وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)) .

قوله رضي الله عنه: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق، يعني الصادق فيما يقول، والمصدوق، فيما يوحى إليه من الوحي، وفيما يقال له من الوحي، فهو صادق لا يخبر إلا بالصدق، مصدوق لا ينبأ إلا بالصدق صلوات الله وسلامه عليه.

وإنما قدم هذه المقدمة؛ لأنه سيخبر عن أمر غيبي باطن يحدث في ظلمات ثلاث: ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة)) إذا جامع الرجل امرأته، وألقى في رحمها الماء بقي أربعين يوماً وهو نطفة على ما هو عليه، ماء، لكنه يتغير شيئاً فشيئاً، يميل إلى الحمرة، حتى يتم عليه أربعون يوماً.

فإذا تم عليه أربعون يوماً، إذا هو قد استكمل الحمرة وصار قطعة دم؛ علقة، فيمضي عليه أربعون يوماً أخرى وهو علقة، يعني قطعة دم، لكنها جامدة، ولكنه يثخن ويغلظ شيئاً فشيئاً، حتى يتم له ثمانون يوماً.

فإذا تم له ثمانون يوماً فإذا هو مضغة؛ قطعة لحم، في الرحم هذه المضغة قال الله تعالى فيها: (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) [الحج: ٥] ، فتبقى أربعين يوماً، تخلق من واحد وثمانين يوماً إلى مائة وعشرين يوماً، ولا يتبين فيها الخلق تبيناً ظاهراً إلا إذا تم لها تسعون يوماً في الغالب.

فإذا مضى عليها أربعون يوماً وهي مضغة، أرسل الله إليها الملك

<<  <  ج: ص:  >  >>