للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على القبور.

ولكن ليس في ذلك شبهة؛ لأن المسجد لم يبن على القبر، وإنما امتد المسجد وبقي القبر في البيت مستقلاً عن المسجد، ليس فيه حجة لآي إنسان إلا رجلاً مبطلاً، يقول كما قال إبليس: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [االأعراف: ١٢] ، لكن انظر الحكمة؛ أن يكون خروجهم يوم القيامة من مكان واحد، من جوف المسجد النبوي، سبحان الله العظيم، حكمة تغيب عن كثير من الناس.

والحاصل أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين اشتد النهار، يعني حين ارتفعت الشمس إلى دار بني مالك، فاستأذن، فأذن له، فدخل ولم يجلس؛ بل قال: أين تريد أن أصلي؛ لأنه جاء لغرض، فأحب أن يبدأ بالغرض الذي جاء من أجله قبل أي شيء، وهذا من الحكمة؛ أنك إذا أردت شيئاً لا تعرج إلى غيره حتى تنتهي منه من أجل أن تضبط الوقت ويبارك لك فيه.

كثير من الناس تضيع عليه الأوقات بسبب أنه يتلقف الأشياء. وأضرب لهذا مثلاً: هب أنك تريد أن تراجع مسألة من مسائل العلم في كتاب من الكتب، تقرأ الفهرس؛ لأجل أن تعرف أين مكان هذه المسألة، ثم تمر بك مسألة فتقول أريد أن أطلع على هذه المسألة، ثم تطلع على الأخرى، ويفوتك المقصود الذي من أجله راجعت هذا الكتاب. لكن ابدأ أولاً بما أردت قبل أي شيء، ثم بعد ذلك ما زاد فهو فضل.

فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمكان، وصلوا معه جماعة؛ لأن هذه جماعة عارضة لا دائمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>