للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر المؤلف رحمه الله آيتين: آية فيها الثناء على الذين يبكون من خشية الله وهي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) [الإسراء: ١٠٧] أي أوتوا العلم من قبل القرآن، وهم أهل الكتاب (إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً) [الإسراء: ١٠٧، ١٠٨] ، يعني إن وعد ربنا واقع لا محالة، فإن هنا للتوكيد.

(وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ) يعني عليها، والمراد المبالغة في السجود، حتى تكاد أذقانهم تضرب بالأرض من شدة المبالغة في سجودهم (وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) خشوعاً في القلب يظهر أثره وعلامته على الجوارح.

والآية الثانية قوله تعالى: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ) [لنجم: ٥٩، ٦٠] ، وهذا ذم لهم أن يضحك الإنسان من القرآن ويعجب منه عجب استنكار وسخرية ولا يبكي منه، والقرآن أعظم واعظ، يعظ الله به القلوب، لكنه إذا ورد على قلوب كالحجارة والعياذ بالله؛ فإنها لا تلين ولكنها تزداد صلابة. نسأل الله العافية.

ثم ذكر المؤلف حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب منه أن يقرأ عليه القرآن، فقال: يا رسول الله، كيف أقرؤه عليك وعليك أنزل؟ يعني: أنت أعلم به مني، فكيف أقرؤه عليك؟ . قال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري)) .

هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام، وفيه إشارة إلى أن الإنسان قد يكون إنصاته لقراءة غيره أخشع لقلبه مما لو قرأ هو، وهو كذلك أحياناً،

<<  <  ج: ص:  >  >>