مكة إلي المدينة، هاجروا إلي الله، فجمعوا في ذلك بين الهجرة ومفارقة الوطن ومفارقة الديار وبين نصرة النبي صلي الله عليه وسلم؛ لأنهم إنما هاجروا إلي الله ورسوله، فالمهاجرون جمعوا بين الهجرة والنصرة.
أما الأنصار فهم الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم، أهل المدينة- رضي الله عنهم- الذين أووا النبي صلي الله عليه وسلم ونصروه ومنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم. وقدم الله المهاجرين لأنهم أفضل من الأنصار، لجمعهم بين الهجرة والنصرة.
وقوله:(ِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ) وذلك في الخروج معه إلي غزوة تبوك، إلي بلاد بعيدة، والناس في اشد ما يكونون من الحر، والناس في أطيب ما يكونون لو بقوا في ديارهم، لأن الوقت وقت قيظ، والوقت وقت طيب الثمار وحسن الظلال، ولكنهم - رضي الله عنهم- خرجوا في هذه الساعة الحرجة في ساعة العسرة) ِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) فإن بعضهم كاد أن يتخلف بدون عذر فيزيغ قلبه، ولكن الله عز وجل من عليهم بالاستقامة حتى خرجوا مع النبي صلي الله عليه وسلم.
وقوله:(ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ) أكد ذلك مرة أخري (إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) شملهم بالرأفة والرحمة، والرأفة أرق من الرحمة؛ لأنها رحمة ألطف وأعظم من الرحمة العامة.
ثم قال:(وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) .
والثلاثة: هم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، هؤلاء هم الثلاثة الذين خلفوا رضي الله عنهم، وخلفوا: أي خلف البت