ثم ذكر أحاديث في هذا المعنى، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ولم يترك شيئاً مما يأكله ذو كبد رطبة إلا شيئاً من الشعير" كما قالت ذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: ((لم يترك إلا شيئاً من الشعير)) ومع ذلك فإنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي بشعير أخذه لأهله. اضطر عليه الصلاة والسلام فأخذ من هذا اليهودي شعيراً، ابتاعه منه ورهنه درعه، فمات وهي مرهونة عنده عليه الصلاة والسلام.
وهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام أزهد الناس في الدنيا إذ لو شاء أن تصير معه الجبال ذهباً لصارت، ولكنه لا يريد هذا، يريد أن يتقلل من الدنيا حتى يخرج منها لا عليه ولا له منها؛ بل كان عليه الصلاة والسلام يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة، ويعيش عيشة الفقراء. والله الموفق.
* * *
٢٠/٤٧٦-وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: "هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله تعالى؛ فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات ولم يأكل من أجره شيئاً، منهم مصعبُ بن عُميرٍ رضي الله عنه قُتل يوم أُحد وترك نمرة، فكنا إذا غطينا بها رأسهُ بدت رجلاهُ، وإذا غطينا بها رجليه بدا رأسهُ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُغطي رأسهُ، ونجعل على رجليه شيئاً من الإذخر، ومنا من أينعت لهُ ثمرتهُ، فهو يهدبها". متفق عليه.