فيقال له: ألا نجعل لك وطاءً، يعني فراشاً تطؤه وتنام عليه؟ فقال:((مالي وللدنيا؟، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)) .
فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس له هم في الدنيا، ولا يبقى عنده مال بل كله ينفقه في سبيل الله، ويعيش عيشة الفقراء.
ثم ذكر المؤلف أحاديث في أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء، وأن الفقراء أكثر أهل الجنة، وذلك لأن الفقراء ليس عندهم ما يطغيهم، فهم متمسكنون خاضعون.
ولهذا إذا تأملت الآيات؛ وجدت أن الذين يكذبون الرسل هم الملأ الأشراف والأغنياء، وأن المستضعفين هم الذين يتعبون الرسول، فلهذا كانوا أكثر أهل الجنة، وكانوا يدخلون الجنة قبل الأغنياء بتقادير اختلفت فيها الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويجمعها أن السير يختلف، فقد يكون السير في عشرة أيام لشخص مسرع يسيره الآخر في عشرين يوماً مثلاً.
ثم ذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام في كلمة لبيد الشاعر المشهور قال:
" أصدق كلمة قالها شاعر؛ كلمة لبيد:
ألا كلُّ شيء ما خلا الله باطل
كل شيء سوى الله فهو باطل ضائع لا ينفع، وأما ما كان لله؛ فإنه هو الذي ينفع صاحبه ويبقى له، ومن ذلك الدنيا فإنها باطل، كما قال تعالى (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ)(الحديد: ٢٠) ، إلا ما كان فيها من ذكر الله وطاعته، فإنه حق وخير.