للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير سؤال قبله، وهذا غاية ما يكون من الأدب، إلا تذل نفسك بالسؤال، ولا تستشرف للمال وتعلق قلبك به.

وإذا أعطاك أحد شيئاً فاقبله؛ لأن رد العطية والهدية قد يحمل من أعطاك على كراهيتك فيقول: هذا الرجل استكبر، هذا الرجل عنده غطرسة، وما أشبه ذلك.

فالذي ينبغي أن من يعطيك تقبل منه ولكن لا تسأل، إلا إذا كان الإنسان يخشى ممن أعطاه أن يمنَّ به عليه في المستقبل فيقول: أنا أعطيتك، أنا فعلت معك كذا وكذا وما أشبه ذلك، فهنا يرده؛ لأنه إذا خشي أن يقطع المعطي رقبته بالمنة عليه في المستقبل؛ فليحمِ نفسه من هذا.

ثم ذكر المؤلف أنه ينبغي للإنسان أن يأكل من عمل يده ويتعفف عن السؤال، وأن يكتسب ويتجر؛ لقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا) (الملك: ١٥) إي في أنحائها: (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) إي ابتغوا الرزق من فضل الله عز وجل.

وقال الله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة: ١٠) فقال: انتشروا في الأرض، وابتغوا من فضل الله.

ولكن لا ينسينك ابتغاؤك من فضل الله ذكر ربك، ولهذا قال: (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

ثم ذكر رحمه الله ما ثبت في صحيح البخاري، أن داود عليه السلام كان يأكل من كسب يديه، وكان داود يصنع الدروع كما قال الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>