المؤلف هذا الباب؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:((لا حسد إلا في اثنتين)) يعني لا غبطة، ولا أحد يغبط على ما أعطاه الله سبحانه وتعالى من مال وغيره إلا في اثنتين فقط:
الأولى: رجل أعطاه الله مالاً، فسلطه على هلكته في الحق، صار لا يبذله إلا فيما يرضي الله، هذا يحسد؛ لأنك الآن تجد التجار يختلفون، منهم من ينفق أمواله في سبيل الله، في الخيرات، في أعمال البر
، إعانة فقير، بناء مساجد، بناء مدارس، طبع كتب، إعانة على الجهاد، وما أشبه ذلك. فهذا سلط على هلكته في الحق.
ومنهم من يسلطه على هلكته في اللذائذ المحرمة والعياذ بالله، يسافر إلى الخارج فيزني، ويشرب الخمر، ويعلب القمار، ويتلف ماله فيما يغضب الرب عز وجل، فالذي سلطه الله على هلكة ماله في الحق هذا يغبط؛ لأن الغالب أن الذي يستغني يبطر ويمرح ويفسق، فإذا رؤي أن هذا الرجل الذي أعطاه الله المال ينفقه في سبيل الله؛ فهو يغبط.
والثانية: رجل آتاه الله الحكمة يعني العلم، الحكمة هنا العلم كما قال الله تعالى:(وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ)(النساء: ١١٣) ، ((فهو يقضي بها ويعلمها الناس)) يقضي بها في نفسه وفي أهله، وفي من تحاكم عنده، ويعلمها الناس أيضاً، ليس يقتصر على أن يأتيه الناس فيقول: إذا جاءوني حكمت وقضيت؛ بل يقضي ويعلم، ويبدأ الناس بذلك، فهذا لا شك أنه مغبوط على ما آتاه الله عز وجل من الحكمة.