أنهم يأكلون معه ففعلت، هدأت الصبيان وعللتهم ونومتهم، فناموا على غير عشاء، ثم إن العشاء لما قدم أطفأت المصباح وأرت الضيف أنها تأكل هي وزوجها معه، وهما لا يأكلان، فشبع الضيف وباتا طاويين، يعني غير متعشيين إكراماً لضيف الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم إنه أصبح فغدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الرسول عليه الصلاة والسلام أن الله قد عجب من صنيعهما تلك الليلة، والعجب هنا عجب استحسان، استحسن عز وجل صنيعهما من تلك الليلة لما يشتمل عليه من الفوائد العظيمة.
ففي هذا الحديث من الفوائد ما يلي:
أولاً: بيان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هو عليه من شظف العيش وقلة ذات اليد، مع أنه عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق على الله، ولو كانت الدنيا تساوي عند الله شيئاً؛ لكان أبر الناس بها وأحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنها لا تساوي شيئاً.
قال ابن القيم رحمه الله:
لو ساوت الدنيا جناح بعوضة ... لم يسق منها الرب ذا الكفران
لكنها والله أحقر عنده من ... ذا الجناح القاصر الطيران
أحقر من جناح البعوضة عند الله؛ فليست بشيء.
ومنها: حسن أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذا الأنصاري رضي