للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس من لو أغناه الله لأفسده الغني، ومن الناس من لو أفقره الله لأفسده الفقر، والله عز وجلّ يعطي كل أحد بحسب ما تقتضيه الحكمة (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (الانبياء: ٣٥) .

وإذا أعطى الله الإنسان المال فإنه ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: من يعطيه الله المال يكتسبه من طريق حرام؛ كالمرابي، والكذاب، والغشاش في البيع والشراء، ومن أكل أموال الناس بالباطل وما أشبه ذلك، فهذا غناه لا ينفعه؛ لأنه غني في الدنيا، ولكنه فقير والعياذ بالله في الدنيا والآخرة.

إذ أن هذا الشي الذي دخل عليه من هذا الوجه سوف يعاقب عليه يوم القيامة، وأعظمه الربا، فإن الله عز وجل يقول في كتابه: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة: ٢٧٥) ، ويقول الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) (البقرة: ٢٧٨، ٢٧٩) .

القسم الثاني من الأغنياء: من أغناه الله بالمال لكن عن طريق الحلال، يبيع بالبيان والنصح والصدق، ويأخذ كذلك، ولا يكتسب إلا المال الحلال، فهذا هو الذي ينفعه غناه؛ لأن من كان كذلك؛ فالغالب أن الله

<<  <  ج: ص:  >  >>