ذكر المؤلف رحمه الله أحاديث في بيان الذين ينفقون أموالهم ويجودون بها في سبيل الله، ففي حديث عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما بيان أنه لا حسد إلا في اثنين، يعني: لا أحد يُغبط غبطة حقيقية إلا هذان الصنفان:
الأول: من آتاه الله العلم وهو الحكمة، فكان يعمل بها ويعلمها الناس، فهذا هو الذي يغبط؛ لأنك إذا قارنت بين حال هذا الرجل وحال الجاهل عرفت الفرق بينهما؛ الجاهل يعبد الله على جهل، ولا يعرف من شريعة الله إلا ما فعله الناس، فتجده يتبع الناس على الصواب والخطأ، وهذا نقص كبير في عبادة الرجل؛ لأن الإنسان إذا عبد الله على غير بصيرة؛ صارت عبادته ناقصة.
كذلك إذا قارنت بين رجل آتاه الله العلم ولكنه لم يعمل به، ورجل آتاه الله العلم فعمل به وعلمه الناس، تجد الفرق العظيم بين هذا وهذا، فالذي يغبط حقيقة هو الذي آتاه الله العلم فعمل به وعلمه الناس.
والثاني: رجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه في سبيل الله، في كل ما يرضي الله ليلاً ونهاراً، فهذا هو الذي يغبط، أما من آتاه الله المال ولكنه لم ينفقه في مرضاة الله؛ فلا غبطة فيه، ولا يغبط على ما أوتي؛ لأن هذا المال إن انتفع به؛ انتفع به في الدنيا فقط؛ لأنه لا ينفقه لله ولا في سبيل الله.
والرجل الثالث: رجلٌ فقيرٌ لم يؤت مالاً فهو أيضاً لا يغبط، فلا يغبط من ذوي المال إلا من آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، فيما يرضي