((أو غنى مطغياً)) بأن يغني الله الإنسان ويفتح عليه من الدنيا فيطغى بذلك، ويرى أنه استغنى عن ربه عزّ وجلّ، فلا يقوم بما أوجب الله عليه، ولا ينتهي عما نهاه الله عنه. قال الله تعالى:(كَلَّا إِنَّ الْإنْسَانَ لَيَطْغَى)(أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)(العلق: ٧، ٦) .
كذلك ((أو مرضاً مفسداً)) مرض يفسد على الإنسان حياته؛ لأن الإنسان مادام في صحة فهو في نشاط وانشراح صدر، والدنيا أمامه مفتوحة، فإذا مرض ضعف البدن، وضعفت النفس وضاقت، وصار الإنسان دائماً في همٍّ وغمٍّ فتفسد عليه حياته.
كذلك أيضاً الهرم المفند:((أو هرماً مفنداً)) يعني كبراً يفند قهوة الإنسان ويحطمها، كما قال تعالى:(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)(الروم: ٥٤)
فالإنسان ما دام نشيطاً شاباً يعمل العبادة بنشاط، يتوضأ بنشاط، يصلي بنشاط، يذهب إلى العلم بنشاط، لكن إذا كبر فهو كما قال الله عزَّ وجلَّ عن زكريا:(قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(مريم: ٤) ، أي ضعف العظم، والعظم هو الهيكل الذي ينبني عليه الجسم، فيضعف وتضعف القوة ولا يستطيع أن يفعل ما كان يفعله في حال الشباب، كما قال الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يوما ... فأخبره بما فعل المشيب