والرابعة: الآخرة وهي المقر وهي النهاية والغاية- جعلنا الله وإياكم من الفائزين فيها.
هذه الدار- أعني دار القبور- كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارتها؛ خوفاً من الشرك بأهل القبور؛ لأن الناس كانوا حديثي عهد بجاهلية، فنهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم سداً لذرائع الشرك؛ لأن الشرك لما كان أمره عظيماً؛ سدّ النبي صلى الله عليه وسلم كل ذريعة وكل باب يوصل إليه.
وكلما كانت المعصية عظيمة؛ كانت وسائلها أشد منعاً. الزنا مثلاً فاحشة، وسائله من النظر والخلوة وما أشبه ذلك محرمة.
وكذلك فإن الشرك أعظم الظلم، كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم؟ قال:((أن تجعل لله ندّاً وهو خلقك)) .
فلما كان الناس يعظمون القبور؛ نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فما استقر الإيمان في قلوبهم؛ أذن لهم فقال:((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكرُ الآخرة)) .
فرفع النبي صلى الله عليه وسلم وأباح الزيارة، بل رغبَّ فيها لقوله:((فإنها تذكر الآخرة)) . والذي يذكر الآخرة ينبغي للإنسان أن يعمل به؛ لأن القلب إذا نسي الآخرة؛ غفل واشتغل بالدنيا، وأضاع الدنيا والآخرة؛ لأن من أضاع