للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثاثه، وحسان بن ثابت رضي الله عنه، وحمنة بنت جحش، تكلموا لأنهم بشر، وأقسم أبو بكر رضي الله عنه ألا ينفق على مسطح بن أثاثة وهو ابن خالته، لكنه أقسم ألا ينفق عليه؛ لا لأنه قال في ابنته؛ بل قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يليق.

فماذا قال الله عزَّ وجلَّ؟ قال الله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) (النور: ٢٢) .

(وَلا يَأْتَلِ) إي لا يحلف، والمراد بهذا من؟ أبو بكر (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّه) من يعني بأولي القربة واليتامى والمساكين والمهاجرين؟ يعني بذلك مسطحاً، فلا ينبغي لأهل الفضل أمثال أبي بكر رضي الله عنه أن يمتنعوا عن الإنفاق على أولي القربى والمساكين والمهاجرين، وإن هم أخطئوا في بعض الأمور.

(أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور: ٢٢) لما نزلت هذه الآية قال أبو بكر: بلى والله، نحب أن يغفر الله لنا، فرد النفقة على مسطح.

هذا الامتثال العظيم، وإلا فرجل يقول في ابنته ما يقول بل في رسول الله ما يقول، فامتثل أبو بكر هذا الامتثال العظيم، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلد مسطح وحسان وحمنة، كل واحد منهم ثمانين جلدة حد القذف، ولكن لم يأمر بجلد عبد الله بن أبي؛ لأنه خبيث ما كان يصرح، وأن الحد تطهير للمحدود، وعبد الله بن أبي ليس أهلاً للطهارة؛ لأنه رجس نجس خبيث.

فالحاصل أن من الورع أن الإنسان لا يتكلم إلا بما يعلم، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>