فلما قال لأبي بكر هذه المقالة، أدخل أبو بكر يده في فمه فقاء كلّ ما أكل، كل ما أكل قاءه وأخرجه من بطنه لماذا؟ لئلا يتغذى بطنه بحرام. وهذا مال حرام؛ لأنه عوض عن حرام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه)) .
فالأجرة على فعل الحرام حرام، ومن ذلك تأجير بعض الناس دكاكينهم على الحلاقين الذين يحلقون اللحى، فإن هذه الأجرة حرام ولا تحل لصاحب الدكان؛ لأنه استؤجر منه لعمل محرم.
ومن ذلك أيضاً تأجير البنوك في المحلات، فإن تأجير البنوك حرام؛ لأن البنك معاملته كلها أو غالبها حرام، وإذا وجد فيه معاملة حلال؛ فهي خلاف الأصل الذي من أجله أنشىء هذا البنك، الأصل في إنشاء البنوك أنها للربا، فإذا أجرَّ الإنسان بيته أو دكانه للبنك فتعامل فيه بالربا فإن الأجرة حرامٌ ولا تحل لصاحب البيت أو صاحب الدكان.
وكذلك من أجَّر شخصاً يبيع المجلات الخليعة أو المفسدة في الأفكار الرديئة ومصادمة الشرع؛ فإنه لا يجوز تأجير المجلات لمن يبيع هذه المحلات؛ لأن الله تعالى قال (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة: ٢) ، وتأجير المحلات لهؤلاء معونة لهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه)) .