للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلاف، فقيل له: إنه من المهاجرين فلماذا نقصته؟ قال: إنما هاجر به أبوه ولم يهاجر هو بنفسه، وليس من هاجر به أبوه كمن هاجر بنفسه، وهذا يدل دلالة عظيمة على شدة ورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وهكذا يجب على من تولى شيئاً من أمور المسلمين ألا يحابي قريباً لقربه، ولا غنياً لغناه، ولا فقيراً لفقره، بل ينزل كل أحد منزلته، فهذا من الورع والعدل، ولم يقل عبد الله بن عمر: يا أبت، أنا مهاجر ولو شئت لبقيت في مكة؛ بل وافق على ما فرضه له أبوه.

وأما الحديث الأخير في هذا الباب فهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به بأس)) ، وهذا فيما أشتبه مباح بمحرم وتعذر التمييز، فإنه من تمام اليقين والتقوى أن تدع الحلال خوفاً من الوقوع في الحرام.

وهذا أمر واجب؟ ٌ كما قال أهل العلم: إنه إذا اشتبه مباح بمحرم وجب اجتناب الجميع؛ لأن اجتناب المحرم واجب، ولا يتم إلا باجتناب المباح، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

لكن لو اضطر إلى أحدهما فله أن يتحرى في هذه الحال ويأخذ بما غلب على ظنه، ولنفرض أنه اشتبه طعام غيره بطعام نفسه، ولكنه مضطر إلى الطعام، ففي هذه الحال يتحرى ويأكل ما يغلب على ظنه أنه طعامه، والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>