٥/٦٠١- وعنه رضي الله عنهُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ ((من خير معاش الناس لهم رجلٌ ممسكٌ عنانَ فرسه في سبيل الله، يطيرُ على متنهِ، كلما سمع هيعة أو فزعة، طار عليه يبتغي القتل، أو الموت مظانه، أو رجلٌ في غُنيمةٍ في رأس شعفة من هذه الشعف، أو بطن وادٍ من هذه الأودية، يُقيمُ الصلاة، ويؤتى الزكاة، ويعبد ربه حتى يأتيهُ اليقين، ليس من الناس إلا في خيرٍ)) رواه مسلم.
((يطير)) أي يُسرع. ((ومتنهُ)) : أي ظهرُهُ. ((والهيعةُ)) : الصوتُ للحرب.
[الشَّرْحُ]
هذان الحديثان في باب استحباب العزلة عن الناس عند خوف الفتنة: الأول حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم)) ، يعني ما من نبي من الأنبياء أرسله الله عزّ وجلّ إلى عباده إلا رعى الغنم، قالوا: وأنت؟ قال:((نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة)) ، حتى النبي عليه الصلاة والسلام رعى الغنم.
قال العلماء: والحكمة من ذلك أن يتمرن الإنسان على رعاية الخلق وتوجيههم إلى ما فيه الصلاح، لأن الراعي للغنم تارة يوجهها إلى وادٍ مزهر مخضر، وتارة على وادٍ خلاف ذلك، وتارة إلى أرض ليس فيها هذا ولا هذا، وتارة لا يرعاها أبداً، وتارة يبقيها واقفة، فالنبي عليه الصلاة والسلام سيرعى الأمة ويوجهها إلى الخير عن علم وهدى وبصيرة؛