للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام.

وقول الله تعالى: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الحجر: ٨٨) ، وفي آية أخرى: (لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (الشعراء: ٢١٥) .

(وَاخْفِضْ جَنَاحَك) (الشعراء: ٢١٥) : أي تواضع؛ وذلك أن المتعالي والمترفع يرى نفسه أنه كالطير يسبح في جو السماء، فأمر أن يخفض جناحه وينزله للمؤمنين الذي أتبعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وعلم من هذا أن الكافر لا يخفض له الجناح وهو كذلك؛ بل الكافر تَرفَع عليه وتَعَالى عليه، واجعل نفسك في موضع أعلى منه؛ لأنك مستمسك بكلمة الله، وكلمة الله هي العليا.

ولهذا قال الله عزّ وجلّ في وصف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) (الفتح: الآية٢٩) ، يعني أنهم على الكفار أقوياء ذوو غلظة، أما فيما بينهم فهم رحماء.

ثم ساق المؤلف الآية الثانية وهي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ) (المائدة: ٥٤) ، أي من يرجع منكم عن دينه فيكون كافراً بعد أن كان مؤمناً.

وهذا قد يقع من الناس، أن يكون الإنسان داخلاً في الإسلام عاملاً به، ثم يزيغه الشيطان- والعياذ بالله- حتى يرتد عن دينه، فإذا ارتد عن دينه فإنه لا يكون ولياً للمؤمنين، ولا يكون معيناً للمؤمنين، ولذا قال (يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه) ُ يعني بقوم مؤمنين، (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه) .

(أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِين يُجَاهِدُونَ) ، فهم في جانب المؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>