وفداً إلى الجنة زمراً، فيدخل أهل النار النار، وأهل الجنة والجنة، وأصحاب الاعراف في مكان مرتفع.
فالأعراف جمع عرف، وهو المكان المرتفع، لكن ليسوا في الجنة وليسوا في النار، وهم يطلعون إلى هؤلاء وإلى هؤلاء، وفي النهاية يدخلون الجنة؛ لأنه ليس هناك إلا جنة أو نار، هما الباقيتان أبداً، وأما ما سواهما فيزول.
يقول الله تعالى:(وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) أي: بعلاماتهم معرفة تامة، (قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) يعني جمعكم المال والأولاد والأهل، ما أغني عنكم هؤلاء، وما أغنى جمعكم من الناس الذين هم جنودكم، تجمعونهم إليكم وتستنصرون بهم، ما أغنوا عنكم شيئاً، (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) يعني وما أغنى عنكم استكباركم على الحق.
(أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ) يعني الضعفاء، وكان الملأ المكذبون للرسل يسخرون من المؤمنين ويقولون (أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا)(الأنعام: ٥٣) ، يقولون أهؤلاء أصحاب الرحمة؟ أهؤلاء أهل الجنة؟ يسخرون منهم (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ)(وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ)(وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ)(المطففين: ٢٩-٣١) . فيقولون لهم:(أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) يعني قد قيل لهم: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)(لأعراف: ٤٩) .