للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الذي سلته من القصعة.

وفي هذا الحديث حسن تعليم الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه إذا ذكر الحكم ذكر الحكمة منه؛ لأن ذكر الحكمة مقروناً بالحكم يفيد فائدتين عظيمتين:

الفائدة الأولى: بيانه سمو الشريعة، وأنها شريعة مبنية على المصالح، فما من شيء أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا والمصلحة في وجوده، وما من شيء نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا والمصلحة في عدمه.

الفائدة الثانية: زيادة اطمئنان النفس؛ لأن الإنسان بشر قد يكون عنده إيمان وتسليم بما حكم الله به ورسوله، لكن إذا ذكرت الحكمة ازداد إيماناً، وازداد يقيناً، ونشط على فعل المأمور أو ترك المحظور.

ثم ذكر المؤلف حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة الأعرابي الذي جاء بقعود له، ناقة ليست كبيرة، أو جمل ليس بكبير، وكانت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العضباء وهي غير القصواء التي حجّ عليها، هذه ناقة أخرى، وكان من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام أنه يسمي دوابه وسلاحه وما أشبه ذلك.

فالعضباء هذه كان الصحابة رضي الله عنهم يرون أنها لا تُسبق أو لا تكاد تُسبق، فجاء هذا الأعرابي بقعوده فسبق العضباء، فكأن ذلك شقَّ على الصحابة رضي الله عنهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما عرف ما في نفوسهم: ((حقٌ على الله ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه)) .

فكل ارتفاع يكون في الدنيا فإنه لابد أن يئول إلى انخفاض، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>