للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كف الأذى بألا يؤذي الناس لا بلسانه ولا بجوارحه، وبذل الندى يعني العطاء، يبذل العطاء من مال وعلم وجاه وغير ذلك، وطلاقة الوجه بأن يلاقي الناس بوجه منطلق، ليس بعبوس، ولا مصعّرٍ خده، وهذا هو حسن الخلق.

ولا شك أن الذي يفعل هذا؛ فكيف الأذى ويبذل الندى ويجعل وجه منطلقاً؛ لا شكل أنه سيصبر على أذى الناس أيضاً، فإن الصبر على أذى الناس لا شك أنه من حسن الخُلق، فإن من الناس من يؤذي أخاه، وربما يعتدي عليه بما يضرّه؛ بأكل ماله، أو جحد حق له، أو ما أشبه ذلك، فيصبر ويحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى، والعاقبة للمتقين، وهذا كله من حسن الخلق مع الناس.

ثم صدّر المؤلف رحمه الله تعالى هذا الباب بقوله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: ٤) ، وهذا معطوف على جواب القسم (نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) (القلم: ١-٤) . إنك: يعني يا محمد، لعلى خلق عظيم لم يتخلق أحد بمثله، في كل شيء؛ خلق مع الله، خلق مع عباد الله، في الشجاعة والكرم وحسن المعاملة وفي كل شيء، وكان عليه الصلاة والسلام خلقه القرآن يتأدب بآدابه؛ يمتثل أوامره ويجتنبُ نواهيه.

ثم ساق المؤلف جزءاً من آية آل عمران في قوله: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) (آل عمران١٣٤) ، وهذه من صفات المتقين الذين أعد الله لهم الجنة، كما قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>