ذكر المؤلف رحمه الله أحاديث متعددة في بيان حسن الخلق، وأن من أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاسنهم أخلاقاً، فكلما كنت أحسن خلقاً؛ كنت أقرب إلى الله ورسوله من غيرك، وأبعد الناس منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون.
الثرثارون الذين يكثرون الكلام ويأخذون المجالس عن الناس، فإذا جلس في المجلس أخذ الكلام عن غيره، وصار كأن لم يكن في المجلس إلا هو؛ يتكلم ولا يدع غيره يتكلم، وهذا لا شك أنه نوع من الكبرياء.
لكن لو فرضنا أن أهل المجلس فوضوه وقالوا أعطنا نصحية، أعطنا موعظة فتكلم فلا حرج، إنما الكلام العادي كونك تملك المجلس ولا تدع أحداً يتكلم، حتى إن بعض الناس يحب أن يتكلم لكن لا يستطيع أن يتكلم، يخشي من مقاطعة هذا الرجل الذي ملك المجلس بكلامه.
كذلك أيضاً المتشدقون، والمتشدق هو الذي يتكلم بملء شدقيه، تجده يتكلم وكأنه أفصح العرب تكبيراً وتبختراً، ومن ذلك من يتكلم باللغة العربية أمام العامة، فإن العامة لا يعرفون اللغة العربية، لو تكلمت بينهم باللغة العربية لعدّوا ذلك من باب التشدق في الكلام والتنطع، أما إذا كنت تدرس لطلبة فينبغي أن تتكلم باللغة العربية، لأجل أن تمرّنهم على اللغة العربية وعلى النطق بها، أما العامة الذين لا يعرفون فلا ينبغي أن تتكلم بينهم باللغة العربية، بل تكلم معهم بلغتهم التي يعرفون، ولا تغرب في الكلمات، يعني لا تأتي بكلمات غريبة تُشكِل عليهم، فإن ذلك من