ولكن المعيتين كلتيهما لا تدلان على أن الله - سبحانه وتعالي- فوق سماواته على
عرشه، أمكنتهم، بل هو مع الناس وهو- عز وجل-فوق وهو معك. والعرب يقولون: ما زلنا نسير والقمر معنا. وكل يعلم أن القمر في السماء. فما بلك بالخالق - عز وجل- هو وفق كل شيء استوي على عرشه، ومع ذلك هو محيط بكل شيء مع كل أحد. مهما انفردت فإن الله- تعالي- محيط بك؛ علما وقدرة وسلطانا وسمعا وبصرا وغير ذلك.
وفي قوله تعالي:(إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) دليل على أن الله يعين الصابر ويؤيده ويكأه حتى يتم له الصبر على ما يحبه الله - عز وجل-.
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) : لنختبركم: فالابتلاء بمعني الاختيار، أو البلوي بمعني الاختيار.
يعني: أن الله اختبر العباد في فرض الجهاد عليهم؛ ليعلم من يصبر ومن لا يصبر؛ ولهذا قال الله- تعالي- في آية أخري:(ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)(محمد: من الآية٤)(سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ)(محمد: ٥)(وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)(محمد: ٤/٦) .
وقوله عز وجل:(حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ) قد يتوهم بعض من قصر علمه