متأنياً؛ لأن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان حتى يغلي القلب، ولهذا تنتفخ الأوداج؛ عروق الدم، وتحمر العين، ثم ينفعل الإنسان حتى يفعل شيئاً يندم عليه.
وإنما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل ألا يغضب دون أن يوصيه بتقوى الله أو بالصلاة أو بالصيام أو ما أشبه ذلك؛ لأن حال هذا الرجل تقتضي ذلك، ولهذا أوصى غيره بغير هذا الشيء؛ أوصى؟ أبا هريرة أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وأن يوتر قبل أن ينام، وأوصى أبا الدرداء بمثل ذلك، أما هذا فأوصاه ألا يغضب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم من حاله أنه غضوب كثير الغضب، فلذلك قال لا تغضب.
والغضب يحمل الإنسان على أن يقول كلمة الكفر، على أن يطلق زوجته، على أن يضرب أمه، على أن يعق أباه، كما هو مشاهد ومعلوم، ثم تجد الإنسان من حين أن يتصرف يبرد ثم يندم ندماً عظيماً، وما أكثر الذين يسألون: غضبت علي زوجتي فطلقت، غضبت عليها فطلقتها بالثلاثة، غضبت علي فلانة فحرمت عليه، وما أشبه ذلك، فأنت لا تغضب. لا تغضب، فإن الغضب لا شك أنه يؤثر على الإنسان حتى يتصرف تصرف المجانين.
ولهذا قال بعض العلماء: إن الإنسان إذا غضب غضباً شديداً حتى لا يدري ما يقول؛ فإنه لا عبرة بقوله، ولا أثر لقوله؛ إن كان طلاقاً فإن امرأته لا تطلق، وإن كان دعاءً فإنه لا يستجاب؛ لأنه يتكلم بدون عقل وبدون تصور. نسأل الله لنا ولكم العافية والسلامة.