الوجه الثاني: أن المراد به علم الظهور؛ لأن علم الله بالشيء قبل أن يكون علم بأنه سيكون، فإذا صار علمه تعالي به علماً بما كان.
وقوله:(الْمُجَاهِدِينَ) المجاهد: صار هو الذي بذل جهده جهده إعلاء كلمة الله، فيشمل المجاهد بعلمه، والمجاهد بعلمه: الذي يتعلم العلم ويعلمه وينشره بين الناس، ويجعل هذا وسيلة لتحكيم شريعة الله، هذا مجاهد. والذي يحمل السلاح لقتال الأعداء هو أيضاً مجاهد في سبيل الله، إذا كان المقصود في الجهادين أن تكون كلمة الله هي العليا.
وقوله:(وَالصَّابِرِينَ) أي: يصبرون على ما كلفوا فيه من الجهاد ويتحملونه ويقومون به.
وقوله:(وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) أي: نختبرها وتتبين لنا وتظهر لنا ظهوراً يترتب عليه الثواب والعقاب.
لما ذكر الله هذا الابتلاء قال:(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) ، والخطاب للنبي صلي الله عليه وسلم، ولك من يبلغه هذا الخطاب، يعني: بشر يا محمد، وبشر يا من يبلغه هذا الكلام الصابرين الذين يصبرون على هذه البلوى فلا يقابلونها بالتسخط وإنما يقابلونها بالصبر. وأكمل من ذلك أن يقابلونها بالرضا، وأكمل من ذلك أن يقابلونها بالشكر. كما مر علينا أن المصاب بالمصائب من أقدار الله المؤلمة له أربع حالات: تسخط، وصبر، ورضاً، وشكر، وهنا قال:) وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)(البقرة: ١٥٥/١٥٦) .