للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشَّرْحُ]

هذه الأحاديث ساقها النووي رحمه الله في باب العفو والإعراض عن الجاهلين، منها حيث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم ما ضرب أحداً لا خادماً ولا غيره بيده إلا أن يجاهد في سبيل الله، وهذا من كرمه صلى الله عليه وسلم؛ أنه لا يضرب أحداً على شيءٍ من حقوقه هو الخاصة به؛ لأن له أن يعفو عن حقه، وله أن يأخذ بحقه.

ولكن إذا انتهكت محارم الله؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لا يرضى بذلك، ويكون أشد ما يكون أخذاً بها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقرّ أحداً على ما يغضب الله سبحانه وتعالى، وهكذا ينبغي للإنسان أن يحرص على أخذ العفو، وما عفي من أحوال الناس وأخلاقهم ويعرض عنهم، إلا إذا انتهكت محارم الله، فإنه لا يقر أحداً على ذلك.

ومن الأحاديث التي ساقها قصة هذا الأعرابي، الذي لحق النبي صلى الله عليه وسلم وعليه جبة نجرانية غليظة الحاشية، فجبذه، يعني: جذبه جذباً شديداً، حتى أثرت حاشية الجبة في عنق الرسول صلى الله عليه وسلم من شدة الجذب، فالتفت فإذا هو أعرابي يطلب منه عطاءً، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وأمر له بعطاء.

فانظر إلى هذا الخلق الرفيع؛ لم يوبِّخه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يضربه، ولم يكهر في وجهه، ولم يعبس؛ بل ضحك صلى الله عليه وسل ومع هذا أمر له بعطاء، ونحن لو أن أحداً فعل بنا هذا الفعل ما أقررناه عليه؛ بل لقاتلناه، وأما الرسول

<<  <  ج: ص:  >  >>