للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيمن سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم ثم تاب أن توبته تقبل، ولكنه يقتل، وأما من سب الله ثم تاب فإن توبته تقبل ولا يقتل، وليس هذا يعني أن سب الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من سبّ الله، بل سبّ الله أعظم، لكن الله قد أخبرنا أنه يعفو عن حقه لمن تاب منه، فهذا الرجل تاب فعلمنا أن الله تعالى قد عفا عنه.

أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو قد مات، فإذا سبَّه أحد فقد امتهن حقه، فإذا تاب فإن الله يتوب عليه ويغفر له كفره الذي كفره بسبب سبِّه، ولكن حق الرسول باقٍ فيقتل.

ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الشديد بالصرعة)) يعني ليس القوي الصرعة الذي يصرع الناس إذا صارعهم، والمصارعة معروفة وهي من الرياضة النبوية المباحة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم صارع ركانة بن يزيد، وكان هذا الرجل لا يصرعه أحد، فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم.

فهذا الصرعة هو الذي إذا صارع الناس صرعهم، وليس هذا هو الشديد حقيقة، لكن الشديد الذي يصرع غضبه، إذا غضب غلب غضبه، ولهذا قال: ((وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) هذا هو الشديد.

وذلك لأن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم فيفور دمه، فإن كان قوياً ملك نفسه، وإن كان ضعيفاً غلبه الغضب، وحيئنذٍ ربما يتكلم بكلام يندم عليه، أو يفعل فعلاً يندم عليه.

ولهذا قال رجلٌ للرسول صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: ((لا تغضب)) قال: أوصني، قال: ((لا تغضب)) ، ردد مراراً

<<  <  ج: ص:  >  >>