ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر منع التنخم أمام القبلة يعني في قبلة الإنسان ذكر الشيء المباح؛ لأن هذا هو الهدي، وهذه هي الحكمة، أنك إذا ذكرت للناس ما هو ممنوع أن تذكر لهم ما هو جائز حتى لا تسد الأبواب عليهم. فأمر الإنسان أن يبصق عن يساره، أو تحت قدمه، أو في ثوبه ويحك بعضه ببعض؛ ثلاثة أمور: إما تحت قدمه يبصق ويطؤ عليها، وإما عن يساره، وهذا والذي قلبه متعذر إذا كان الإنسان في المسجد؛ لأنه يلوثه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((البصاقُ في المسجد خطيئة")) ، وإما في ثوبه، فيبصق في ثوبه ويحك بعضه ببعض.
وفي هذا الحديث دليلٌ على أن النخامة ليست نجسة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يبصق المصلي تحت قدمه أو في ثوبه، ولو كانت نجسة ما أذن له أن يبصق في ثوبه، وفيه التعليم بالفعل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ِ ((أو يقول هكذا، وبصق في ثوبه وحك بعضه ببعض)) وفيه أيضاً إطلاق القول على الفعل في قوله: ((أو يقول هكذا)) وهو يريد الفعل.
وفيه أيضاً: أن الإنسان لا حرج عليه أن يبصق أمام الناس، ولا سيما إذا كان للتعليم.
وفيه أن من المروءة ألاَّ يرى في ثوبك شيء يستقذره الناس- لأنه حكَّ بعضها ببعض- لئلا تبقى صورتها في ثوبك فإذا رآها الناس تأذوا منه