وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم:((تسوسهم الأنبياء)) دليلٌ على أن دين الله- وهو دين الإسلام في كل مكان وفي كل زمان- هو السياسة الحقيقية النافعة، وليست السياسة التي يفرضها أعداء الإسلام من الكفار.
السياسة حقيقة ما جاء في شرع الله، ولهذا نقول إن الإسلام شريعة وسياسة، ومن فرق بين السياسة والشريعة فقد ضلّ؛ ففي الإسلام سياسة الخلق مع الله، وبيان العبادات، وسياسة الإنسان مع أهله، ومع جيرانه، ومع أقاربه، ومع أصحابه، ومع تلاميذه، ومع معلميه، ومع كل أحد؛ كل له سياسة تخصه، سياسة مع الأعداء الكفار، ما بين حربيين ومعاهدين ومستأمنين وذميين.
وكل طائفة قد بيّن الإسلام حقوقهم، وأمر أن نسلك بهم كما يجب، فمثلاً الحربيون نحاربهم، ودماؤهم حلال لنا، وأموالهم حلال لنا، وأراضيهم حلال لنا.
والمستأمنون يجب أن نؤمنهم، كما قال الله تعالى:(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)(التوبة: ٦) .
والمعاهدون يجب أن نوفي لهم بعهدهم، ثم إما أن نطمئن إليهم، أو نخاف منهم، أو ينقضوا العهد.
ثلاث حالات كلها مبينة في القرآن؛ فإن اطمأننا إليهم وجب أن نفي لهم بعهدهم، وإن خفناهم فقد قال الله تعالى:(وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)(لأنفال: ٥٨) ، قل لهم: ليس