فإذا كان قويا أمينا فهذه هي الصفات التي يستحق بها أن يكون أميرا فإن كان قويا غير أمين أو أمينا غير قوي أو ضعيفا غير أمين فهذه الأحوال الثلاثة لا ينبغي أن يكون صاحبها أميرا ولكن يجب أن نعلم أن الأشياء تتقيد بقدر الحاجة فإذا لم نجد إلا أميرا ضعيفا أو أميرا غير أمين وكان لا يوجد في الساحة أحد تنطبق عليه الأوصاف كاملة فإنه يولى الأمثل فالأمثل ولا تترك الأمور بلا إمارة لأن الناس محتاجون إلى أمير ومحتاجون إلى قاض ومحتاجون إلى من يتولى أمورهم فإن أمكن وجود من تتم فيه الشروط فهذا هو الواجب وإن لم يوجد فإنه يولى الأمثل فالأمثل لقول الله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم} وتختلف الأنظار فيما إذا كان لدينا رجلان أحدهما أمين غير قوي والثاني قوي غير أمين كل منهما معيب من وجه لكن في باب الإمارة يفضل القوي وإن كان فيه ضعف في الأمانة لأن القوي ربما يكون أمينا لكن الضعيف الذي طبيعته الضعف فإن الطبع لا يتغير ولا يتحول غالبا فإذا كان أمامنا رجلان أحدهما ضعيف ولكنه أمين والثاني قوي لكنه ضعيف في الأمانة فإننا نؤمر القوي لأن هذا أنفع للناس فالناس يحتاجون إلى سلطة وإلى قوة وإذا لم تكن قوة ولا سيما مع ضعف الدين ضاعت الأمور