للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سعد بن عباده وكان معه- هو سيد الحرج- ما هذا؟ ظن أن الرسول صلي الله عليه وسلم بكي جزعاً، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((هذه رحمة)) أي بكت رحمة بالصبي لا جوعاً بالمقدور.

ثم قال عليه الصلاة والسلام: ((إنما يرحم الله من عباده الرحماء)) ففي هذا دليل على جواز البكاء رحمة بالمصاب.

إذا رأيت مصاباً في عقله أو بدنه، فبكت رحمة به، فهذا دليل على أن الله تعالي جعل في قلبك رحمة، وإذا جعل الله في قلب الإنسان رحمه كان من الرحماء الذين رحمهم الله عز وجل. نسأل الله أن يرحمنا وإياكم برحمته.

ففي هذا الحديث دليل على وجوب الصبر؛ لأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: ((مرها فلتصبر ولتحتسب)) .

وفيه دليل أيضاً على أن هذه الصيغة من العزاء أفضل صيغة، أفضل من قوله بعض الناس: ((أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك)) هذه صيغة أختارها بعض العلماء، لكن الصيغة التي اختارها الرسول عليه الصلاة والسلام ((اصبر واحتسب، فإن لله ما أخذ وله ما أعطي، وكل شيء عنده بأجل مسمي)) أفضل؛ لأن المصاب إذا سمعها اقتنع أكثر.

والتعزية في الحقيقة ليست تهنئه كما ظنها بعض العوام، يحتفل بها، وتوضع لها الكراسي، وتوقد لها الشموع، ويحضر لها القراء والأطعمة، بل هي تسلية وتقوية للمصاب أن يصبر، ولهذا لو أن أحداً لم يصب بالمصيبة، كما لو مات له ابن عم ولم يهتم به؛ فإنه لا يعزي، ولهذا قال

<<  <  ج: ص:  >  >>