للنفس بغير حق، وأنه موجب لدخول النار والعياذ بالله، وان صحابه ليس بشهيد. لكن إذا فعل الإنسان هذا متأولا ظانا أنه جائز، فإننا نرجو أن يسلم من الإثم، وأما أن تكتب له الشهادة فلا؛ لأنه لم يسلك طريقة الشهادة، لكنه يسلم من الإثم لأنه متأول، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر.
في خاتمة هذا الحديث العظيم الذي فيه العبرة لمن أعتبر، فيها أن الملك الكافر الذي يدعو الناس إلي عبادته، لما آمن الناس وقالوا آمنا بالله رب الغلام، جاءه أهل الشر وأهل الحقد على الإيمان وأهله، وقالوا له: أيها الملك إنه وقع ما كنت تحذر منه، وهو الإيمان بالله، وكان يحذر طاغياً ظالماً، فأمر بالأخدود على أفواه السكك فخدت، الأخدود يعني خفر عميق مثل السواقي على أفواه السكك، يعني على أطراف الأزقة والشوارع، وقال لجنوه: من جاء ولم يرجع عن دينه فأقحموه فيها؛ لأنه اضرم فيها النيران_ والعياذ بالله- فكان الناس يأتون ولكنهم لا يرتدون عن دينهم وإيمانهم، فيقحموهم في النار، فكل من لم يرجع عن دينه الحقيقي- وهو الإيمان بالله- قذفوه في النار، ولكنهم إذا قذفوهم في النار واحترقوا بها فإنهم ينتقلون من دار الغرور والبوار إلي دار النعيم والاستقرار، لأن الملائكة تتوفاهم طيبين يقولون:) سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل: من الآية٣٢) ، ولا أعظم من هذا الصبر، أن يري الإنسان النار تتأجح فيقحتم فيها خوفا على إيمان وصرا عليه. فجاءت امرأة ومعها صبي رضيع، فلما رأت النيران كأنها تقاعست أن تقتحتم النار هي وطفلها،