هذا الحديث يحكي النبي صلي الله عليه وسلم فيه شيئا مما جري للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والأنبياء كلفهم الله تعالي بالرسالة لأنهم اصل لها، كما قال الله تعالي:) اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) (الأنعام: من الآية١٢٤) ، فهم أهل لها في التحمل والتبليغ والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر علي ذلك، وكان الرسل - عليهم الصلاة والسلام- يؤذنون بالقول وبالفعل، وربما بلغ الأمر إلي قتلهم، وقد بين الله ذلك في كتابه حيث قال لنبيه صلي الله عليه وسلم:) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ) (اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ) أي: إن استطعت ذلك فافعل (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى) ولكن لحكمة اقتضت أن يكذبوك، حتى يتبن الحق من الباطل بعد المصارعة والمجادلة) ى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (الأنعام: من الآية٣٥) .
حكي نبينا صلي الله عليه وسلم عن نبي من الأنبياء أن قومه ضربوه، ولم يضربوه إلا حيث كذبوه حتى أدموا وجهه، فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، وهذا غاية ما يكون من الصبر، لأن الإنسان