للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المرض، وأنه في عافية، فقدمت له العشاء فتعشى على أن أبنه برئ وطيب. ثم أصاب منها، يعني جامعها، فلما انتهى قالت له: ((واروا الصبي)) أي: ادفنوا الصبي؛ فإنه قد مات، فلما أصبح أبو طلحة رضي الله عنه ووارى الصبي وعلم بذلك النبي صلي الله عليه وسلم، وسأل: ((هل أعرستم الليلة)) فولدت غلاما سماه عبد الله، وكان لهذا الولد تسعة من الولد كلهم يقرأون القرآن ببركة دعاء النبي صلي الله عليه وسلم.

ففي هذا الحديث: دليل على قوة صبر أم سليم ـ رضي الله عنها ـ وأن ابنها الذي مات بلغ بها الحال إلى أن تقول لزوجها هذا القول وتوري هذه التورية، وقدمت له العشاء، ونال منها، ثم قالت: ادفنوا الولد.

وفي هذا دليل على جواز التورية، يعني أن يتكلم الإنسان بكلام تخالف نيته ما في ظاهرة هذا الكلام. فله ظاهر هو المتبادر إلى ذهن المخاطب، وله معنى آخر مرجوح، لكن هو المراد في نية المتكلم، فيظهر خلاف ما يريد.

وهذا جائز، ولكنه لا ينبغي إلا للحاجة، إذا احتاج الإنسان إليه لمصلحة أو دفع مضرة فليور، وأما مع عدم الحاجة فلا ينبغي أن يوري؛ لأنه إذا ورى وظهر الأمر على خلاف ما يظنه المخاطب نسب هذا الموري إلى الكذب وأساء الظن به، لكن إذا دعت الحاجة فلا بأس.

ومن التورية المفيدة التي يحتاج إليها الإنسان: لو أن شخصا ظالما يأخذ أموال الناس بغير حق، وأودع إنسان عندك مالا قال: هذا مالي عندك

<<  <  ج: ص:  >  >>