للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو & تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} وأقسم لهما أن يأكلا من هذه الشجرة وأنه بذلك يحصل لهما الخلد والملك الذي لا يبلى، وما زال بهما حتى أكلا من الشجرة، وكان الله تعالى قد وضع على عورتيهما هيبة فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوءاتهما، وصار كل إنسان ينظر إلى عورته، آدم ينظر إلى عورته، وحواء تنظر إلى عورتها، انكشفت لأنهما هتكا حرمة الله عز وجل بأكلهما من الشجرة، وقال الله تعالى عن ذلك: {وعصى آدم ربه فغوى} لما أكلا منها أمرهما الله عز وجل أن يخرجا من الجنة فهبطا إلى الأرض، وهذا من حكمة الله عز وجل، لأنه لولا ذلك ما وجدت هذه البشرية وهذه الخليقة وحصل هذا الامتحان، ولكن الله تعالى بحكمته قدر لكل شيء سببا، فانظر كيف نزل من الجنة العالية إلى الأرض الهابطة بمعصية واحدة؟ فما بالك بنا نحن معاصينا كثيرة بالليل والنهار، نسأل الله أن يعاملنا وإياكم بعفوه، ومع ذلك نؤمل أملا ما هو إلا أوهام، نؤمل أننا في الدرجات العليا مع أننا هابطون بكثرة المعاصي والتهاون بالواجبات وما يعتري القلوب من الحقد والبغضاء والكراهية، نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم وأن يصحح قلوبنا وقلوبكم.

وهذه الجنة التي أهبط منها آدم، اختلف فيها هل هي جنة المأوى أو أنها جنة بستان عظيم على ربوة طيبة الهواء كثيرة الماء؟ والصواب أنها جنة الخلد، وفي هذا يقول ابن القيم:

<<  <  ج: ص:  >  >>