الوجه الأول: أنه أدى فريضة من فرائض الله وأنعم الله بها عليه وكم من إنسان في المقابر يتمنى أن يصوم يوما واحدا فلا يكون له وهذا قد من الله عليه بالصوم فصام فهذه نعمة فكم من إنسان شرع في الصوم ولم يتمه فإذا أفطر فرح لأنه أدى فريضة من فرائض الله ويفرح أيضا فرحا آخر وهو أن الله أحل له ما يوافق طبيعته من المآكل والمشارب والمناكح بعد أن كان ممنوعا منها.
فهاتان فرحتان في الفطر الأولى أن الله من عليه بإتمام هذه الفريضة.
الثانية أن الله من عليه بما أحل له من محبوباته من طعام وشراب ونكاح.
ومن فوائد هذا الحديث الإشارة إلى الحكمة من فرض الصوم حيث قال صلى الله عليه وسلم: فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب يعني: لا يقول قولا يأثم به ولا يصخب فيتكلم بكلام صخب بل يكون وقورا مطمئنا متأنيا فإن سابه أحد أو شاتمه فلا يرفع صوته عليه بل يقول: إني صائم، يقول ذلك لئلا يتعالى عليه الذي سابه كأنه يقول: أنا لست عاجزا عن أن أقابلك بما سببتني ولكني صائم يمنعني صومي من الرد عليك وعلى هذا فيقوله جهرا.
كذلك أيضا إذا قال:(إني صائم) يردع نفسه عن مقابلة هذا الذي سابه كأنه يقول لنفسه (إني صائم فلا تردى على هذا الذي سب) وهذا أيضا معنى جليل عظيم ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى من الدنيا ما يعجبه