للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحسن، فالله تعالى يخبر أنه خلق الإنسان، وهذا أمر معلوم بالضرورة والفطرة، فالله وحده هو الخالق والخالق يعلم من خلق كما قال تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فهو جل وعلا يعلم بأحوالنا ونياتنا ومستقبلنا وكل ما يتعلق بنا، ولهذا قال: {ونعلم ما توسوس به نفسه} الشيء الذي تحدث به نفسك يعلمه الله قبل أن نتكلم، ولكن هل يؤاخذك به، في هذا تفصيل، إن ركنت إليه وأثبته في قلبك عقيدة، فإن الله يؤاخذك به، وإلا فلا شيء عليك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم فمثلاً لو أن إنسان صار يوسوس ويفكر؛ هل يطلق زوجته أو لا ومثل هذا كثير بين الناس، فإنها لا تطلق حتى ولو عزم على أن يطلقها فإنها لا تطلق إلا بالقول أو بالكتابة الدالة على القول أو بالإشارة الدالة على القول؛ لأن الله تجاوز عن هذا الأمة ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم، قال: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد} فإن الله تعالى وكل بالإنسان ملكين يلازمانه، أحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال، عن اليمين وعن الشمال يلازمانه دائما ويكتبان عليه كل ما نطق به وكل ما فعل ولهذا قال: {ما يلفظ من قول إلا ليه رقيب عتيد} (ومن) هنا زائدة للتوكيد، يعني ما يلفظ قولاً من الأقوال أي قول كان، إلا لديه رقيب عتيد؛ (رقيب) أي مراقب (عتيد) أي حاضر لا

<<  <  ج: ص:  >  >>