للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقله، قال فلان كذا وهو لم يقله، جاء فلان وهو لم يأت وهكذا، هذا أيضاً محرم ومن علامات النفاق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب.

ثم ساق المؤلف رحمه الله الأدلة على تحريم الكذب منها قوله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} لا تقف أي لا تتبع ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً، وإذا كان هذا نهياً عما لم تحط به علمًا، فما بالك بما أحطت به علمًا وأخبرت بخلافه؟ يكون هذا أشد وأعظم، وبهذا نعرف أن الإنسان إذا تكلم بكلام فإما أن يكون قد أحاط به علمًا، فكلامه هذا مباح في الأصل ما لم يجر إلى مفسدة، الثاني أن يقفو ما يعلم أن الأمر بخلافه فهذا كذب واضح وصريح والثالث أن يقفو ما لم يحط به علمًا ولا يعلم أن الأمر بخلافه فهذا منهي عنه {ولا تقف ما ليس لك به علم} فينهى أن يتكلم الإنسان في حالين، في الحالة الأولى أن يعلم أن الأمر بخلاف ما يتكلم به، والحالة الثانية أن يتكلم في أمر لا يعلمه، هذا كله منهي عنه، أما إذا تكلم بما يعلم فهذا أمر لا بأس به.

وذكر الآية الأخرى {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} ، (من قول) نكرة في سياق ماذا؟ في سياق النفي، ومؤكد عمومها بمن {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} أي قول تقوله عندك رقيب عتيد يعني حاضر يراقب يكتب ما تقول {إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى يعني نسمع سرهم ونجواهم} {ورسلنا لديهم يكتبون} ما أعظم الأمر، كل كلمة تخرج منك تكتب وسوف تلقى ذلك يوم القيامة، كما قال تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشوراً اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا} أنت حسيب نفسك، قال بعض السلف: والله لقد أنصفك من جعلك حسيبًا على نفسك.

والحاصل أن الله يقول: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب

<<  <  ج: ص:  >  >>